... احترت فيما سأكتب، رثاء أم هجاء ، وبأي قلم
سأخط أحرفي ، بمداد أم بدماء، أي أفكار تقبل النظام في زوبعة الواقع الذي زج بالوهن
والجفاء، وأي أحلام ستدرج بأولوياتنا كشعوب تاهت في أرض غوغاء ، أي مفاجئة
تنتظرنا حين يكون الوطن بأيدي حكام متخاذلين ومتآمرين على شعوبهم . يرى الذل والخيانة شيمة يشاطرها الأعداء، أي براءة ستمرح ورصاص أبناء جلدتنا قتل الأمن
بالقلوب ، وبأي تاريخ سيرحل الشيوخ بعد عناء السنين حتى غدو يكتسون العراء ، احترت
واستنكر القلم ، شل اللسان وشح العقل ، ٱنفطر الفؤاد وجرح القلب ، ذرف الدمع وقمعت الحواس ، فماتت الأمة العربية وما عدنا أسودا أو ذوي همم ، ما عدنا الأمة التي
سادت الدنيا ، ما عدنا الكلمة التي تهز الجبال، ما عدنا جيشا واحدا نمتطي أحصنة
العز ونحمل بأيدينا سلاح النصر، لا نهاب غير الله و لا نخاف لومه لائم ، ما عدنا
جسدا واحدا نلمم أو ندمل جروح بعضنا، بل أصبحنا وللأسف نعيد التاريخ ونشق طريق
العودة إلى ما قبل الإسلام ، أي الجاهلية العربية و ما تحمله من الشعوبية والعنصرية التي جزت بها إلى سجن الانقسامات مما جعل الدول العربية مطمعا و فريسة
سهلة أمام الآخرين، وهذا منذ أربعين سنة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث
وقعت الفتنة الأولى وتقاتل الصحابة والصحابة الذين قضى الرسول صلى الله عليه و
سلم وهو راض عنهم ، في حروب صفين والجمل و حدثت الفتنة ثم كربلاء ، رغم أن الله
أرسل لقبائل العرب في شبه الجزيرة العربية آخر نبي ورسول عنده سبحانه، إلا أن العنصرية
والقبلية البغيضة المترسخة في القبائل العربية أبت إلا أن تتحرك في جيناتهم ويعودون للتناحر
نتيجة بعدهم عن تعاليم رسولهم الذي بُعث من مكة للناس كافة.فهي حقيقة انعدام
الوحدة العربية الإسلامية و الخوف من تطبيق شرع الله ، فالشريعة هي الحق ، والحق
دائما يرعب الخونة من أبناء جلدتنا، فهم لا يدركون أننا لا نحيا إلا بقدر، و لا
نموت إلا بقدر، وتتباهى الأمم باحترامها لحقوق الإنسان فيها مهما كانت قوميته أو
دينه أومذهبه أوانتماؤه السياسي أو جنسه ، ورعايته وتبجيله ووضعه في المكان الذي
يليق به في الحياة، وتتباهى الأمم أن تجعل إيراداتها ومواردها في خدمة الإنسان،
وأن توفر له ما يليق بإنسانيته وقيمته في الحياة، وان تكون سلطاتها بخدمة الناس
وحمايتهم لا العكس.الأمم مثل البشر تنهض بعد أن تكبو، وتتألق بعد النكوص،
وتستفيد من تجربتها، وتدرس سبل إخفاقها وفشلها حتى تتجاوزها ، ولا تكرر الوقوع في
أخطاء قد تعيق مسيرتها لتلحق بركب التطور والتقدم البشري , إن الأمة العربية منذ عرفها التاريخ وهي تعيش زمناً يسوده
الجهل والظلم والبؤس ، حتى جاء الإسلام الذي وضع حداً لأوجاعها وهمومها،وبذلك يعيدُ
التاريخ نفسه، ويعيد هذه الأمة إلى سابق مجدها قبل الإسلام وهي الجاهلية العربية
وما تحمله من بذور العشائرية والعنصرية، التي قادتها إلى الانقسامات، بل جزأت
الأمة إلى دويلات، وإمارات، هذه هي حقيقة تاريخ الأمة، فهناك دول تعرضت لكبوات،
وسقطت تحت حوافر الخيول ونصل السيوف في الحروب، وتحت لهيب قذائف الدبابات وأصوات
المدافع، والقتال على الحدود، ولم تستفد من تجاربها المريرة ونهوضها بحالها. ماذا بعد هذا التاريخ الطويل والمليء بالمعاناة القاسية،
التي عاشتها الأمة بأجيالها المتلاحقة ؟ ولذلك نجد أجيالا بعد أجيال تتساءل متى
يتغير الحال؟وفعلاً حدث ما حدث وما هو متوقع! ما يحدث حالياً في الوطن العربي الآن من انقسامات وقتل وتشريد واذال الشعوب هو نتيجة
حتمية جراء الفرقة والتشتت وبث العنصرية بين كافة فئات المجتمع العربي ..والان نحن في خطر
كارثى على الأمة العربية جمعاء. نحن مطالبون اليوم – أكثر من أي وقت مضى -
بالاستفادة من تلك التجارب والسيناريوهات ودراستها بجدية ووعي، كي نتعلم منها،
ونعمل لتحقيق هدف الوحدة الذي تتوق إليه الأمة. أما آن لهذه الأمة أن تستفيق من سباتها ، هذه الأمة التي
تأبى الاستقامة على طريق الحق والدين إلا بالدماء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق